مصر هي دولة تقع في أقصي الشمال الشرقي من قارة أفريقيا، و يحدها من الشمال الساحل الجنوبي الشرقي للبحر المتوسط و من الشرق الساحل الشمالي الغربي للبحر الأحمر بمساحة إجمالية تبلغ مليون كم² تقريبا. مصر دولة تقع معظم أراضيها في أفريقيا غير أن جزءا من أراضيها، وهي شبه جزيرة سيناء، يقع في قارة آسيا. الاسم الرسمي لمصر هو جمهورية مصر العربية.
مصر من أكثر الدول الأفريقية سكاناً، و ذات الترتيب الرابع عشر عالمياً من حيث عدد السكان الذين يعيش أغلبهم على ضفتي النيل و السواحل. تشكل الصحراء غالبية مساحتها وهي غير معمورة. معظم السكان في مصر حالياً من الحضر يعيشون في مدن ذات كثافة سكانية عالية، ربعهم في مدينة القاهرة الكبرى، أكبر مدن أفريقيا والشرق الأوسط . اللغة العربية هي اللغة الرسمية، يتحدث معظم المصريون بما يسمى العامية المصرية.
أصل الاسم
اسم مصر في العربية واللغات السامية الأخرى مشتق من جذر سامي قديم قد يعني البلد أو البسيطة (الممتدة)، وقد يعني أيضا الحصينة أو المكنونة. الاسم العبري مصرَيم מִצְרַיִם مذكور في التوراة (العهد القديم) على أنه ابن لحام بن نوح و هو الجد الذي ينحدر منه الشعب المصري حسب الميثولوجيا التوراتية (سفر التكوين أصحاح 10، 6) التي يرد فيها اسم "مصرايم" كاسم البلاد المعروفة حاليا كمصر، و كذلك ورد في الإنجيل و القرآن.
الاسم الذي عرف به المصريون موطنهم في اللغة المصرية هو كِمِت و تعني "الأرض السوداء"، كناية عن أرض وادي النيل السوداء تمييزا لها عن الأرض الحمراء الصحراوية دِشْرِت، و أصبح الاسم لاحقا في المرحلة القبطية من اللغة كِمي في اللهجة البحيرية و خمي في اللهجة الصعيدية.
الأسماء التي تعرف بها في لغات أوربية عديدة مشتقة من اسمها في اللاتينية إجبتوس Aegyptus المشتق بدوره من اليوناني أيجيبتوس Αίγυπτος، و هو اسم يفسره البعض على أنه مشتق من حط كا بتاح أي محط روح بتاح اسم معبد بتاح في منف، العاصمة القديمة.
التاريخ
أتاحت خصوبة التربة التي تسبب فيها الفيضان الموسمي لنهر النيل و المناخ الدافئ المعتدل و الحماية النسبية التي توفرها الصحروات المحيطة بوادي النيل قيام حضارة مزدهرة مبكرة حول ضفتيه هي إحدى أكبر حضارات العالم القديم و أبكرها.
ظهرت إرهاصات أولى لسكنى جماعات بشرية حول وادي النيل منذ 10 آلاف عام قبل الميلاد في شكل جماعات صائدة تستخدم أدوات حجرية، استمرت في النزوح المستمر ناحية نهر النيل بازدياد الجفاف (8000 ق.م) و تحول المراعي إلى صحارى و كذلك تحول المستنقعات المجاورة للنهر إلى أراضي صالحة للسكن، لتظهر آثار استقرار و زراعة مبكرة للحبوب في الصحراء الشرقية في الألف السابع قبل الميلاد.
تمثال أبو الهول و من خلفه هرم خفرع علي هضبة الجيزةتأسست دولة مركزية ضمت وادي النيل من مصبه حتى الشلال الأول عاصمتها منف حوالي عام 3100 قبل الميلاد على يد ملك شبه أسطوري عرف تقليديا باسم مينا (و يمكن أن يكون نارمر أو حور عحها) لتحكمها بعد ذلك أسرات ملكية متعاقبة على مر الثلاثة آلاف عام التالية لتكون أطول الدول الموحدة تاريخا؛ و لتضم حدودها في فترات مختلفة أقاليم الشام و النوبة و أجزاء من الصحراء الليبية، حتى أسقط الفرس آخر تلك الأسرات، و هي الأسرة الثلاثون عام 343 ق.م.؛ توالى على مصر بعدها اليونان البطالمة (منذ عام 332 ق.م) الذين تحولت عاصمتهم الإسكندرية إلى أهم حواضر العالم القديم ، ثم الرومان عام 30 ق.م.، لتصبح مصر فيما بعد جزءا من الإمبراطورية البيزنطية حتى غزاها الفرس مجددا لبرهة وجيزة عام 618 ميلادية قبل أن يستعيدها البيزنطيون عام 629 قبيل مجيء العرب عام 639 ميلادية.
أدخل العرب في القرن السابع الميلادي الإسلام و اللغة العربية إلى مصر وهما المقومان الرئيسيان لشخصيتها حاليا، إذ يدين أغلب سكانها بالإسلام إلى جانب أقلية مسيحية، كما أصبحت اللغة العربية تدريجيا اللغة الرئيسية للغالبية الساحقة من المصريين فيما عدا جيوبا لغوية.
في العصور التالية تعاقبت ممالك و دول على مصر، فبعد دخول العرب و عصر الراشدين حكمها الأمويون، ثم العباسيون عن بعد بوكلائهم الإخشيديين و الطولونيين لفترات وجيزة، ثم الفاطميون الذين تلاهم الأيوبيون. أتى الأيوبيون بفئة من المحاربين العبيد هم المماليك استقوت حتى حكمت البلاد بنظام إقطاعي عسكري، و استمر حكمهم للبلاد بشكل فعلي لفترة حتى بعد أن احتلها العثمانيون و أصبحت ولاية عثمانية عام 1517.
محمد علي الكبيركان لوالي مصر محمد علي الكبير الذي حكمها بدءا من سنة 1805 دور بالغ الأهمية في تحديث مصر و نقلها من العصور الوسطى إلى العصور الحديثة، و ازدياد استقلالها عن الإمبراطورية العثمانية و إن ظلت تابعة لها رسميا مع استمرار حكم أسرته من بعده، وازداد نفوذها السياسي والعسكري في منطقة الشرق الأدنى إلى أن أصبحت تهدد المصالح العثمانية ذاتها.
في ذلك الوقت أصبحت مصر محط أنظار القوى الإمبريالية الأوربية و موضع سباق بينها، فغزاها الفرنسيون لبرهة عام 1798 في إطار حملات نابليون التوسعية في الشرق، قبل أن تعود مرة أخرى إلى العثمانيين عام 1801 بفضل البريطانيين الذين كان يهمهم أن لا تبقى مصر في يد فرنسا.
بإتمام حفر قناة السويس 18 مارس 1869 ازدادت المكانة الجيوستراتيجية لمصر كمعبر للانتقال بين الشرق والغرب، وفي نفس الوقت كانت الدولة العثمانية في أفول، ففرضت بريطانيا العظمى عام 1882 سيطرتها عليها عسكريا و سياسيا و إن ظلت تابعة للإمبراطورية العثمانية اسما حتى عشية الحرب العالمية الأولى سنة 1914.
منذ سنة 1922 كانت مصر مستقلة عن بريطانيا اسميًا مع احتفاظ البريطانيين بقواعد عسكرية على أرضها و تدخلهم في شؤون الإدارة و السياسة الداخلية بالضغط على الملك، لكن ازدياد الشعور الوطني أدى إلى أن و ضع المصريون دستورا سنة 1923 بقيادة سعد زغلول تلته محاولة ناجحة قصيرة الأمد بين عامي 1924 و 1936 في صوغ حياة سياسية تعددية و ليبرالية، إلا أن عودة البريطانيين لإحكام قبضتهم على شؤون البلاد قوض تلك التجربة و أدى إلى عدم استقرار الأحوال حتى عام 1952 عندما انقلب ضباط من الجيش على الملك فاروق الأول ثم تطورت الأحداث إلى أن انقلبوا عليه و أجبروه على التنازل لابنه الرضيع أحمد فؤاد الثاني، حتى أعلنت الجمهورية يوم 18 يونيو 1953 برئاسة اللواء محمد نجيب.
وضع محمد نجيب عام 1954 قيد الإقامة الجبرية ، على يد رفاقه في مجلس قيادة الثورة برئاسة البكباشي جمال عبدالناصر المهندس الحقيقي لحركة الضباط، و الذي أدى تأميمه لقناة السويس سنة 1956 إلى حرب السويس التي تحالفت فيها إسرائيل بريطانيا و فرنسا فيما عرف بالعدوان الثلاثي في محاولتة الأخيرتين لاستعادة السيطرة على قناة السويس، تلك الحرب التي خرج منها عبدالناصر و قد ازدادت شعبيته في مصر و العالم العربي و الإسلامي، و كذلك في أفريقيا و كثير من بلاد العالم الثالث باعتباره داعية للتحرر و مقاوم للاستعمار. كذلك بينت هذه الحرب الخطر الذي يشكله و جود إسرائيل على مصالح الشعوب العربية، بعد أن كانت الجيوش العربية و منها الجيش المصري الملكي قد فشل في القضاء عليها عام 1948 بسبب ضعف الأنظمة العربية و استمرار سيطرة المستعمر الأوربي على كثير من شؤونها أنذاك و كذلك عدم الاستعداد الكافي.
دخلت مصر في وحدة مع سورية عام 1958 عرف باسم الجمهورية العربية المتحدة كان يفترض أن يكون نواة لانضمام باقي البلدان العربية حسب الرؤية العروبية لجمال عبد الناصر التي وجدت أصداء لها بين شعوب العالم العربي، إلا أن هذه الوحدة زالت سريعا عام 1961 اثر اقلاب في دمشق .
اجتاحت إسرائيل الضفة الغربية و غزة و الجولان و سيناء فيما عرف عربيا باسم نكسة 67، و توفي عبدالناصر بعدها بثلاث سنوات، ليخلفه نائبه أنور السادات، أحد الضباط الذين عرفوا بالضباط الأحرار وعضو مجلس قيادة الثورة التي أسقطت الملكية. قدم السادات نفسه في ما يعرف بثورة التصحيح التي مكنته من فرض سيطرته على شؤون البلاد و التخلص من خصومه السياسيين، تمكن عام 1973 من شن حرب مفاجئة على إسرائيل فيما عرف بحرب أكتوبر و بعد أن نقل توجه مصر في الحرب الباردة من جبهة الاتحاد السوفيتي إلى جبهة الولايات المتحدة. انتهت الحرب بتوقيع اتفاقية سلام بين مصر و إسرائيل استردت بموجبها مصر باقي أراض سيناء، و هو ما أدى إلى غضب عربي و طرد مصر من جامعة الدول العربية حتى 1989.
واكب الفترة التي تلت معاهدة السلام مع إسرائيل تقليص للتوجه الاشتراكي للدولة الذي كان قد تأسس بعد إنتهاء الملكية، فيما عرف بسياسة الانفتاح، و كذلك محاولة لإعادة الحياة النيابية التعددية و الممارسة الديموقراطية إلى السياسة و التي كانت قد علقت منذ بداية نظام الضباط، إلا أن تلك المحاولة جاءت مبتسرة و هيأت لأن يسيطر فعليا حزب واحد يتماهى مع الدولة هو الحزب الوطني الديموقراطي، و إن كانت الدولة تعددية شكلا.
بينما كان يستعرض المواكب العسكرية في يوم الاحتفال بنصر أكتوبر، اغتيل السادات على يد تنظيم إسلامي عرف بالجماعة الاسلامية نفذه جنود بقيادة الضابط خالد الإسلامبولي سنة 1981 ليخلفه محمد حسني مبارك، الرئيس الحالي للجمهورية.
الجغرافيا
تبلغ مساحة مصر حوالى مليون كيلو متر مربع تعادل مساحتها تقريبا كلا من مساحة فرنسا وألمانيا مجتمعتين.
التضاريس : تنقسم جمهورية مصر العربية من الناحية الجغرافية إلى أربعة أقسام رئيسية هي :
وادي النيل والدلتا: مساحته حوالى (33 ألف كم2 ) تقريبا. من شمال وادي حلفا حتى البحر المتوسط، و ينقسم إلى النوبة المصرية، من وادي حلفا إلى أسوان، يليه الصعيد (مصر العليا) إلى جنوبي القاهرة، ثم الدلتا (مصر السفلى) من شمال القاهرة إلى ساحل المتوسط، و هي المحصورة بين فرعي النيل، فرع دمياط و فرع رشيد، و هما الفرعان اللذين بقيا من عدة أفرع في الدلتا، و مصبات أخرى وجدت في عصور جيولوجية سابقة.
السد العاليفي أقصي جنوب البلاد توجد بحيرة ناصر ( بحيرة النوبة )، وهي بحيرة صناعية نشأت نتيجة بناء السد العالي عند أسوان. أما في الشمال الغربي فتوجد بحيرة قارون في الفيوم وهي أحد أكبر البحيرات الطبيعية في البلاد، كما توجد على ساحل المتوسط بحيرات ضحلة هي المنزلة و البرلس و مريوط، إلى جانب مستنقعات مساحتها آخذة في التضاؤل نتيجة النشاط البشري منذ أقدم العصور، و إن تسارع مؤخرا.
الصحراء الغربية (الليبية): تشغل حوالى (680 ألف كم2 ) تقريبا، و هي الجزء الواقع داخل حدود مصر من الصحراء الأفريقية الكبرى، ممتدا ما بين وادي النيل في الشرق حتى الحدود الغربية، و من البحر المتوسط شمالاً إلى الحدود الجنوبية، وتنقسم إلى:
القسم الشمالي يشمل السهل الساحلي و الهضبة الشمالية و منطقة المنخفضات التي تضم واحة سيوة و منخفض القطارة و وادي النطرون و الواحات البحرية•
القسم الجنوبي يشمل واحات الفرافرة و الخارجة و الداخلة و باريس في أقصي الجنوب واحة العوينات.
السكان
وسط القاهرة الكبري أكبر مدن أفريقيا والشرق الأوسط ويظهر في الصورة مبني دار أوبرا القاهرة مركز الفنون الرئيس في المدينة .مصر هي ثاني أكثر الدول سكاناً في أفريقيا بعد نيجيريا، يتركز أغلبهم في وادي النيل، بالذات في المدينتين الكبرتين، القاهرة الكبرى، التي بها تقريبا ربع السكان، و الإسكندرية، كما يعيش أغلب السكان الباقين في الدلتا و على ساحلي البحر المتوسط و البحر الأحمر و مدن قناة السويس.
إجمالي عدد سكان مصر بلغ (تقدير) السكان بالداخل والخارج في 1/05/2008 78,733,641 نسمة(تقدير 2007) او 76 مليونا و480 ألفا و426 نسمة في تعداد عام 2006 بزيادة قدرها 24.37% عن تعداد 1996. منهم 72 مليونا و579 ألفا و30 نسمة داخلها و في الخارج ثلاثة ملايين. منهم من الحضر 30 مليونا و949 ألف نسمة و يسكن الريف 41 مليونا و629 ألفا و341 نسمة. و يقدر معدل الزيادة السكانية خلال السنوات الأخيرة بنحو 1،3%.
و يبلغ متوسط الكثافة السكانية في مصر 63، نسمة/كم²، حيث هي في منطقة وادي النيل ودلتاه 900 نسمة/كم² (98% من مجموع السكان على 4% من مساحة البلاد، و هي من أعلى الكثافات السكانية في العالم.
اللغة
تحدث المصريون على امتداد تاريخهم لغات من العائلة الأفروآسيوية، بدءا من اللغة المصرية (في أطوارها المختلفة انتهاء بالقبطية) التي تنتمي إلى ذات العائلة الفرعية التي تنتمي إليها الأمازيغية، وصولا إلى العربية بلهجات عدة.
يتحدث النوبيون لغتين من عائلة اللغات النوبية و السيويون اللغة السيوية الأمازيغية، و يتحدث العبابدة و البشاريون لغات من عائلة البجا، و تقليديا تحدّث الغجر لغتهم الخاصة.
الديانات
94% من السكان في مصر من المسلمين السنة حسب التقدير الرسمي. كما توجد في مصر طرق صوفية عديدة.
الجامع الأزهر في القاهرةبينما يشير تقرير حرية الأديان العالمي الذي أعدته وزراة الخارجية الأرمريكية عام 2006 إلى أن المسلمون السنة يشكلون 90% من السكان، والفرق الأخرى 1% ، والمسيحيون 8% معظمهم ينتمون للكنيسة القبطية الأرثوذكسية . حسب وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وموسوعة إنكارتا ومصادر أخرى: حوالي 90% من السكان في مصر من المسلمين أغلبهم من المسلمين السنة ، 9% من المسيحيين الأقباط و1% من المسيحيين غير الأقباط وغيرهم
يوجد حوالي 200 يهودي في مصر، و هم كل ما تبقى من إحدى أقدم الجماعات اليهودية في العالم، و إحدى أكبرها حتى بداية الصراع العربي الإسرائيلي في منتصف القرن العشرين، و كانت تضم أغلبية من اليهود القرائين، إلى جانب ربانيين و نورانيين.
توجد أقلية من المسلمين الشيعة وليس هناك تعداد رسمي لهم وأغلبهم من الشيعة الإمامية الإثنا عشرية.
وجد منذ أواخر القرن التاسع عشر مصريون اعتنقوا البهائية، لكن لا توجد تعدادات رسمية لهم، و إن كانوا هم يقدرون عددهم الحالي بين 500 إلى 2000 نسمة؛ و قد كان وضعهم القانوني مثار جدل شعبي و صراع حقوقي منذ عام 2006.
يعيش في مصر عدد غير محدد من بهرة بسبب مكانة مصر الخاصة في عقيدتهم و وجود مشاعر مقدسة لهم في القاهرة الفاطمية، إلا أنهم مقيمون أجانب و ليسوا مواطنين.